سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن

موقع أيام نيوز

تصديق وتعيد على عقلها كل ما كانت تقوله منذ قليل 
نظرت إليه بيأس وانزعاج لأنها لم تجيب عليه وعلقت ملامح وجهها بشدة وهي تلقي الهاتف جوارها على الفراش بحزن لكن ما لبست إلا وجدته يعلن عن وصول المكالمة إليها مرة أخرى أخذته سريعا تنظر إليه وعندما وجدته هو يعاود الاتصال لم تنتظر كثيرا وأجابت متلهفة
أيوة
أجابها من الناحية الأخرى بصوته الرخيم يتحدث
فكرتك نمتي
وقفت على قدميها تسير في الغرفة وهي تحادثه وقالت بنفي سريعا
لأ لأ أنا صاحية
سألها بتطفل
مردتيش ليه أول مرة طالما صاحية
أجابته وهي تكذب عليه فلا تستطيع قول أنها كانت تنظر إليه ولا تستطيع الإجابة بسبب المشاعر الذي حاوطتها بحبه
ملحقتش أرد عليه أصلي كنت بعيدة عنه
استنكر حديثها وهو يجيب عليها قائلا بيقين وهو يعلم أنها لا تترك الهاتف من يدها
بعيدة عنه! أنتي من ساعة ما أخدتيه تاني وأنا حاسس إن مافيش في حياتك غيره
أردفت بجدية تسرد عليه ما يحدث معها ليجعلها تبقى طوال الوقت جليسة مع هاتفها وهي تشير بيدها وكأنه يراها تسير في الغرفة
أصل بصراحة الجو ملل أوي هنا يا إما نتفرج على التلفزيون يا إما أقعد مع زينة أو وعد يا أما الموبايل وأنت عارف جبل من وقت ما تعب طول ماهو هنا زينة بتعمله كل حاجه ووعد رجعلها التابلت ف مافيش حاجه أعملها غير أقعد على الموبايل
سألها بغلظة متهكما
وبقيت الناس اللي في القصر مش مقامك ولا ايه
وقفت في موضعها وسألته بتوتر
أقولك بصراحة!
أومأ برأسه وقال بجدية ورفق
أكيد
قالت پخوف وهي تتذكر نظرات والدة زوج شقيقتها لها وللجميع وأكملت بانزعاج وضيق من شقيقته
طنط وجيدة بخاف منها نظراتها غريبة وتخوف وبتتكلم بجد أوي إنما فرح دي متكبرة أوي وپتكرهني أصلا
ضيق ما بين حاجبيه واستنكر قولها فسألها بجدية ليعلم ما الذي بينها وبين فرح
بتكرهك ليه
قالت بلا مبالاة وهدوء وهي لا تدري ما الذي يفكر به
معرفش بس من وقت ما جيت بتعاملني وحش أوي وبترمي كلام وحش ف كبرت دماغي منها بقى
صمت قليلا ثم قال بمرح يشاكسها
أنتي بتعرفي تكبري دماغك أهو
ابتسمت بسعادة وهي تمازحه قائلة
طبعا أنا أعجبك
تحرك في الحديقة وهو ينظر إلى شرفة الغرفة الموصدة ومن خلفها تظهر إنارة الأضواء الخاڤتة قال بسخرية
لأ منا عارف أنتي كبيرة مش صغيرة وتعرفي تعملي

كل حاجه
سألته بانزعاج واقفة في موضعها
أنت بتتريق ولا ايه
أجابها بلين يأكل ما بقي من عقلها
أنا أقدر اتريق عليكي بردو
أكملت سيرها مرة أخرى وتفوهت بجدية متسائلة بعد أن شعرت بالملل يسيطر عليها
بقولك يا عاصم هو أنا مقدرش أخرج بره القصر أمشي في الجزيرة أشوف الناس أي حاجه أنا بجد زهقت
حاصرها بسؤاله الخبيث وهو يبتسم باتساع
اشمعنى أنا بقى اللي بتقوليله
ارتبكت كثيرا وصمتت قليلا وهي تنظر إلى الأمام بوجنتين حمراء للغاية اشتعلت من شدة الخجل فلا توجد إجابة مناسبة ولكنها أردفت
مش مش أنت صاحبي بردو
مرة أخرى بمكر يحاول إخراج الكلمات منها وهو يعلم أنها الآن ټموت خجلا
صاحبك بس!
هربت من محاولة محاصرة لها وقالت متسائلة بصوت خاڤت رقيق
هتخرجني
أومأ بالموافقة ولكنه مصر على اخجالها بحديثه الماكر
الخبيث الذي يعلم أثره جيدا
ماشي هخرجك بس بشرط
سألته باستغراب
ايه هو
رد بمنتهى البساطة وخشونة صوته تثير ما بها ومع تلك اللهفة التي خرجت من بين كلماته واستشعرتها جيدا
اخرجي البلكونة عايز أشوفك
كررت كلمته مرة أخرى بذهول وخجل
تشوفني!
أومأ مرة أخرى برأسه للأمام يهتف بخبث ولوعة الاشتياق لها تحرقه
آه اخرجي مش أنا صاحبك بردو
تقدمت من الشرفة المغلقة فتحتها ببطء حتى لا تصدر صوت وخرجت إليها تطل عليه بوجهها الحسن وعينيها الزرقاء الرائعة
أهو خرجت
ينظر إلى وجنتيها الحمراء من كثرة الخجل الذي تشعر به إنه يدرك ذلك ينظر إلى شفتيها ا ونظرتها الساحرة إلى عينيه 
نظر إليها مطولا وعشقه إليها الذي أعترف به مؤخرا يدفعه نحوها بقوة ضارية فتابع بصوت رجولي أجش
إسراء
حرك كل ما بها بعد الاستماع إلى نبرته الذي أسكرتها فقالت بخفوت ورفق
نعم
خرجت كلمة واحدة من شفتيه نابعه من قلبه الذي يدق پعنف في حضرتها وود إعلامها بكم الاشتياق الذي يشعر به نحوها فقال بلوعة قاټلة
وحشتيني
نظرت إليه للحظة واحدة فقط فلم تستطع المواصلة اخفضت الهاتف من على أذنها ودلفت إلى الداخل راكضه تغلق باب الشرفة من خلفها ووقفت خلفه تضع يدها على موضع قلبها الذي تعالت دقاته وخرج ليصل إلى مسامع أذنها 
ترفرف عاليا بين الفراشات والعصافير المغردة بأسامي الحب والغرام في سماء صافية تماثل زراق عينيها وسحاب بيضاء تماثل بشرتها وما اختلف في الأمر 
بينما هو وقف ينظر إلى الشرفة وعيناه لا تستطيع أن تنحرف بعيدا عنها فما كان يخطر على باله يوما أن يقع لعشق فتاة صغيرة جميلة مثل هذه خجلها يربكها ويحرك ما بها 
لم يخطر على باله أن تأتي تلك الصغيرة التي تنزعج أن ناديتها بالصغيرة وتطير فرحا كالطفل أن عبرت لها بأنك تراها فتاة كبيرة ناضجة 
أعترف لنفسه من فترة صغيرة 
هبطت إلى الأسفل وخرجت إليه نظرت إلى داخل عينيه وأخذته من يده بعد أن أقتربت منه تبتعد عن مسامع الحرس فصړخت به بعصبية
ايه اللي بتعمله ده يا عاصم
أجابها بعدم فهم لما تقصده بما فعل
ايه اللي عملته
أردفت بحړقة تشير بيدها بعصبية وعڼف تنظر إليه بشړ وحقد
البت اللي اسمها إسراء شيفاك فعلا مشغول بيها وعايزها وأنا مش هتوه عندك لما تعوز حاجه
فهم ما الذي تقصده ف أومأ برأسه للأمام وهتف بلا مبالاة وبرود
وافرضي ده صح وأنا عايزه أنتي عايزة

ايه
صدح صوتها الصارخ بوجهه بشراسة وعنفوان فلم تتخيل أن يجيبها بهذا البرود
نعم عايزة ايه أنت اټجننت يا عاصم
أقترب منها وبعيون قاسېة حادة تحدث بغلظة وخشونة ينظر إليها بعمق
لأ متجننتش أنتي اللي لسه معقلتيش أنا عايزك ترجعي بآخر مرة اتقابلنا فيها في محطة واحدة وأنتي هتعرفي إذا كنت اټجننت ولا لأ
تابعت نظراته القاسېة عليها خلابة يحرك رأسه باستياء فنظر إليها قائلا بسخرية مرة أخرى
ده ټهديد يعني
قالت بجدية شديدة محاولة اخافته على الرغم من أنها تعلم أنه ليس ذلك الرج ل الذي سيخيفه ټهديد من رج ل أو امرأة
اعتبره زي ما أنت عايز
نظر إليها بعمق وهدوء ولم يريد أن ستجعله ېخاف حقا فغمزت بعينيها بشړ قائلة
أنت فعلا مش هتخسره يا عاصم أنت هتخسر حد تاني لو متعدلتش معايا
احترق قلبه من مجرد فكرة أتت على عقلة فصاح بها پعنف وعصبية وصوته يعلو
احترمي نفسك واتكلمي الأمور أكثر من هذا نظرت إليه بقوة وألقت عليه آخر كلماتها المھددة
ماشي يا عاصم ماشي أنت اللي بدأت
لن تتركه هكذا لن ينعم بحياته هكذا بتلك السهولة مع تلك الغبية التي أتت لتأخذ مكانها ولكنها ليست ضعيفة لتتركها تفعل ما تشاء بل ستجعلها تفكر ألف مرة قبل النظر إليه بعد ذلك 
بينما هو نظر إليها پغضب دمائه فارت داخل عروقه بسبب حديثها الغبي ونظراتها نحوه بل وټهديدها له أيضا تلك الغبية الماكرة 
فتاة غبية مغرورة ومتكبرة تعتقد أن كل ما تريده سيكون لها دون حساب أو نقاش ليس هو ذلك الرجل الذي سيفعل لها ما تشاء على حساب نفسه وسعادته 
ولج جبل إلى الغرفة ليلا في ساعة متأخرة أغلق الباب وتقدم إلى الداخل لينظر إليها نائمة على الفراش بهدوء ونعومة رآها بها 
تلك الشرسة القوية التي تقف أمامه خمدت نيرانها ومن أمامه الآن امرأة متفتحة كوردة حولها الأشواك بكثرة فينجرح أثناء محاولة الوصول إليها  
أقترب من رأسها يستنشق خصلات شعرها ورائحة عبيرها الذي يسكره 
وجدها مسالمة ليست مغلوبة على أمرها ولكنها مستسلمة أسفل يده تترك له زمام الأمور غير معترضة على شيء 
اعتبرها دعوة صريحة منها ليأخذها ويدلف بها إلى

بساتين الورود مختلفة الألوان والروائح ليس بها أشواك بل رقيقة ناعمة الملمس يعوض ذلك اليوم المشؤوم الذي خلده بذكراها 
مستمتعا بكل لحظة تمر جوارها وهي راضية مستكينة بين يديه مستمتعة بنظراته ولمساته وكأنها تطالب بالمزيد منه لأول مرة منذ سنوات كثيرة لم تعلم طريق إلى هذه المشاعر 
المشاعر الجياشة الذي أخذتهم إلى عالم غريب لأول مرة تسير به معه وهو لأول مرة يشعر بحلاوته وتزداد رغبته الملحة في التكملة إلى النهاية وما بعد النهاية 
اشتعلت رغبته تجاهها فترك الأشواك متجاهلا إياها متقدما منها يأخذها إلى شاطئ أمواجه ثائرة متضاربة كمشاعرة الراغبة تقدمت أمواج المتعة واللذة الراضية تغطي على رمال البغض والكراهية وصدفها راضيا مستمتعا وكأنه بمرحلة من مراحل الهوى 
يتبع
رواية
سجينة جبل العامري
للكاتبة ندا حسن
سجينة جبل العامري
الفصل العاشر
ندا حسن
هل تخفي جزيرة العامري أسرار بعد! 
جالسة على الفراش في غرفة نومه التي أصبحت مشتركة بينهم بعد أن كتبت على اسمه وأصبحت زوجة له 
تنساب الدموع من عينيها على وجنتيها بغزارة تتساقط على يدها الممسكة بالهاتف تطلع بعينيها على شاشته التي تنير بوجه زوجها الراحل يونس
تبكي پقهر وحړقة وهي تنظر إلى صورته تستمع إلى صوته بأذنها يعاتبها على ما فعلته 
ينظر إليها بخذلان من عبر الهاتف يقول لها كيف سمحتي له بأن يفعل ذلك وكيف تركتي كل ما بك إليه بهذه الطريقة المهينة 
وضعت يدها على وجنتها تزيل دمعاتها السائلة بكل انسيابيه وسهولة والحړقة تأكل قلبها والندم يتمسك بعقلها يسحقه أسفله على فعلته الخائڼة 
كي ف ترك ت نفس ها بهذه الس هولة وكيف سم حت ل ه بالاق تراب كيف كان ت قط عة ح رير بين ي ده تت حرك بس هولة ورق ة ما ال ذي كان يسي طر عليها في هذه الل حظات ما الذي م رت به ج علها تل قي بن فسها داخ ل أح ضان الذئ ب
وهو ذلك المچنون الذي كان على أتم الاستعداد لفعل أي شيء كان يأتي متحضرا لما سيفعله أو هي من أغرته بنموتها البريئة وملابسها الأنثوية التي لم يعتاد عليها معها!
أغمضت عينيها السوداء بقوة تحاول أن تمحي من ذاكرتها ليلة أمس وما حدث بها بينهما تحاول أن تكون خفيفة غير محملة بالأوجاع وأيضا الآن الندم والحزن على أشياء لم تكن بيدها أن تفعلها أو لأ
أنه ا كان ت مغ يبة عن ال واقع لم تدري ما ح دث إلا في الص باح عندما وج دت نف سها تن ام ب ين أح ضانه وكأنه زوج ها الذي تع شقه منذ سن وات ليس ذلك الح قېر الذي سج نها داخل الج زيرة وف عل به ا ما لم يف عله أحد
ارتجف جسدها من شدة البكاء وحاصرها الندم والألم على قلب بات لا يدري ما السبيل في
تم نسخ الرابط