سجينة جبل العامري بقلم ندا حسن

موقع أيام نيوز

قلبها بعد أن ثبتت براءتها دون مجهود منها ليعلم أنها لم ټخونه ولم تغدر به كما اعتقد وتسامحه على ما بدر منه تجاهها وظنه السوء بها لو كان أحد غيره لفعل ذلك ولو كانت هي لفعلت أكثر من ذلك لم يخرج السر إلا بعدما علمت وكانت كل الأدلة تقف قبالتها بقسۏة والأكبر من كل هذا أنها كانت على تواصل مع طاهر دون علمه ولم تكذب ذلك 

حركت العصاة التي بيدها على الأرض الرملية تجلس أمام النيل في منطقة متوارية قليلا عن أنظار أهل الجزيرة ولكن الحراس بها أقترب منها عاصم يجلس جوارها نظر إليها بهدوء وسألها وهو يلقي بحجرة داخل المياة
مالك
حركت كتفيها للأعلى ثم للأسفل ومازالت تعبث بالعصاة على الرمال ثم قالت بحيرة
محتارة
قطب جبينه متابعا طريقتها الغريبة في الحديث وتسائل بجدية
من ايه
رفعت بصرها نحوه تجيبه بنفاذ صبر وضيق
محتارة من كل حاجه بتحصل حواليا زينة معتبراني طفلة بس مش للدرجة دي يعني
أشار إليها بيده ولم يفهم من حديثها شيء فتابع بهدوء ورفق يحثها على الارتياح بنظرته الحنونه
فهميني بالراحة
تركت تلك العصاة واستدارت تجلس تواجهه زفرت بضجر وضيق وملامحها الطفولية البريئة عابثة للغاية ثم خرج صوتها ملئ بالانزعاج
بيحصل حاجات كتيرة أوي غريبة في القصر وأنا مبقتش فاهمه حاجه علاقتها بجبل كانت غير لما جينا وبعدين حبته وبقوا كويسين وحاليا متفهمش ايه اللي بيحصل بينهم كمان بعد ما رجع تمارا تاني وهي حاولت ټقتلها
وجدته لم يتحدث بل نظر إليها للحظات دون رد فعل نظرت إليه لتراه أبعد وجهه عنها إلى المياة تابعته بشك ثم باغتته قائلة
أنت تعرف حاجه عن الموضوع ده
راوغ في الحديث وهو يهرب بعيناه منها قائلا بجدية
وأنا هعرف منين اللي بيدور جوا القصر
ضيقيت عينيها عليه وكأنها تستطيع أن تفهم ما الذي تعبر عنه ملامحه فقالت
مش جايز تعرف من جبل ما انتوا صحاب وسر بعض
عقب بجدية وثبات
لأ معرفش أكيد لو أعرف هقولك واريحك
زفرت مرة أخرى بضيق أكبر وأردفت بانزعاج وملل واضح
أنا زهقت وحاسه إني بدأت أمل من كل حاجه هنا عايشه معاهم زي الأطرش في الزفة مش بتقولوا كده
ابتسم على براءتها الجميلة ونظراتها الغريبة إن كانت سعيدة أو حزينة أو حتى تشعر بالملل أومأ إليها قائلا برفق
آه بنقول كده
صمتت وأبعدت عينيها إلى الأرضية متحيرة حقا فيما يحدث حولها ف إلى الآن لم تفهم أي شيء مما يدور بل شقيقتها تخفي كل شيء عنها وهي أصبحت لا تحتمل هذا الوضع أبدا 
ابتسم ساخرا يردف بجدية ناظرا إليها بقوة
اشمعنى معايا أنا بتحبي تبقي الأطرش في الزفة وبتعملي نفسك مش فاهمه كلامي
رفعت وجهها إليه تباغته بتلك النظرة تعامدت الشمس على عينيها الزرقاء لتصبح أكثر روعه وجمال تبادلها التشابه في لون خصلاتها الصفراء وجمالها الأخذ 
تحدث برقة وهي تبتسم تحاول أن تكون ماكرة مصطنعة عدم الفهم
أنا امتى ده بيتهيألك
أقترب منها ليجلس

جوارها أكثر قربا تابع وهو يبتسم ناظرا إلى جمالها الذي لن يكون ملك أحد غيره
لأ مش بيتهيألي تحبي أقولك دلوقتي حاجه تخليكي كده
سألته وهي تبعد عيناها عنه بخجل
هتقول ايه
باغتها بكلمتين كان أثرهما على قلبها مغزي للغاية فدلفوا له دون إنذار يحدثون جلبة في الداخل لتسري الرعشة في جسدها خجلة منه
عايز اتجوزك
رفعت نظرها إليه بحب وهيام تتناسى كل ما كانو يتحدثون به منذ قليل تقول اسمه بنبرة خاڤتة رقيقة للغاية
عاصم!
اخترقت قلبه نبرتها واسمه الغريب من بين شفتيها فنظر إليها بعمق متابعا بجدية محاولا الثبات أمام جمالها
أنا بتكلم بجد أنا بحبك وأنتي بتحبيني ايه المانع من الجواز ليه كل ما أفتح معاكي الموضوع ده بتهربي أنا بحبك وعايزك
أبعدت وجهها مرة أخرى تنظر إلى الأرضية لا تستطيع الإجابة عليه فأكمل قلقا من صمتها
ردي عليا ده كسوف ولا رفض
أردفت وهي بعيدة بعينيها عنه تقول بخفوت
أكيد مش رفض أنا كمان بحبك يا عاصم
سألها مستفهما باستغراب وهو يقبض على يدها بحب وحنان
اومال ده ايه
رفعت بصرها نحوه بعينين متحيرة وقالت بجدية خالصة
أنت شايف الظروف صعبة إزاي أنا لسه بحكيلك ده مش وقته خالص على فكرة غير أن زينة رفضاك رفض تام وأنت لسه مقولتليش بتشتغل ايه
زفر محاولا الهدوء وعقب على حديثها ومازال يرفض البوح بالسر
ومش هقدر أقولك لكن زينة عرفت حقيقة شغلي تقدري تفهمي منها هي لكن أنا لأ مقدرش
ضيقيت عينيها عليه غير مستوعبة ما الذي يقوله لتسائلة باستغراب
يعني ايه
ضغط على يدها بحب وحنان وبدأ في الحديث بهدوء وتروي يخرج صوته برفق لتتفهم ما يقوله لأنه يعلم أنها وإن كانت شابة إلا أن الحقيقة أنها طفلة صغيرة
حقيقة شغلي سر مستحيل أتكلم عنه حتى معاكي أنتي صاحب السر يبقى جبل وهو قال لزينة كل حاجه علشان كده تمارا رجعت الموضوع أكبر من استيعاب عقلك يا إسراء متفكريش فيه
سحبت كف يدها من بين يديه وصاحت بضجر
يعني ايه أنت كمان شايفني طفلة
نظر إليها بحب وحنان أكبر من ذي قبل يرسلهم إليها من خلال عيناه ونبرته الحنونه الشغوفه نحوها فلا يريد أن يشغل عقلها باشياء لن تستطيع أن تستوعب ما بها
أنا مقولتش كده بس بجد الموضوع كبير وكتر الكلام فيه يخربه واطمني من ناحية زينة هي فهمت كل حاجه ومش هتمنع جوازنا صدقيني إلا لو كان في سبب تاني للرفض غير موضوع الشغل ده
أبعدت وجهها وهي تصيح پاختناق
أنا مبقتش فاهمه حاجه
أكمل بهدوء كما هو يتابعها برفق ولين وتحدث قائلا
كل حاجه في وقتها حلوة المهم تكوني واثقة فيا 
أجابته بجدية وصوتها منزعج للغاية
أنا واثقة فيك بس عايزة أفهم
قبض على كف يدها مرة أخرى يطمئنها وهو يجذب وجهها ناحيته كي تنظر إليه فيبادلها بلين
طيب اسمعي كلامي وانسي اللي قولته وخليكي معايا واطمني ماشي
أومأت إليه قائلة بصوت خاڤت
ماشي
أكمل بجدية مقدرا ما يمر به الجميع بالأخص بعد أن سرد عليه جبل ما حدث معهم وما فعلته تمارا وأصبح يدرك جيدا خطۏرة الوضع الذي هم به حتى وإن كانت مستقرة
بالنسبة لحوار جوازنا أنا كمان هستنى لما الوضع يهدى والدنيا تبقى تمام بس كنت عايز أعرف رأيك
قالت بخجل ونبرة خاڤتة يكاد لا يسمعها
أنت عارفه كويس يا عاصم
ابتسم باتساع وهو يناظر خجلها ورقتها الشديدة هتف بحب وهيام وجنون قلبه العاشق لا يتركه يمر بالهفوة التي ينالها منها
قلب عاصم
باغتته بكلمات هادئة تعبر عن كم كان شخص محظوظ حتى تكون معه الآن
تعرف إني عمري ما اتعاملت مع حد زيك كده
ابتسم باتساع وأخذ الأمر بالمرح مع اعترافه أنه بالفعل محظوظ بها
أمي دعيالي قبل ما ټموت ابقى أنا أول بختك
ابتسمت تبادلة تنظر إليه تارة والأخرى إلى الأرضية الرملية بخجل شديد قائلة بعشق خالص
وأنا مبسوطة بده
تجرأ أكثر ورفع يدها إلى فمه بشغف وجنون بعدما أصرت عليه جنود عقله أن يقوم بفعلتها وتذوق طعم السكر من يدها ثم هتف بهيام ولوعة
أنا محدش مبسوط قدي أنك معايا
سحبت يدها سريعا منه فسائلته باستغراب
إزاي اجي
تمدد على الفراش مبتسما يخرج صوته بلوعة

واحتياج
تعالي يا غزال محتاجك
سألته مرة أخرى مستغربة للغاية من حديثه
طب وتمارا والكل
شعر بالضجر من اسألتها وبوادر رفضها فصاح بانزعاج وضيق
متخليش حد يشوفك يا زينة بلاش تعقيد
تحدثت بجدية شديدة محاولة أن تجعله يعود عما يريد
جبل مش هينفع
جلس على الفراش مرة أخرى وحقا شعر بالامتعاض منها فصاح بصوت عالي جاف
أنتي بتستهبلي ولا ايه بقولك تعالي ده أمر
أجابته على مضض
طيب طيب
أغلقت الهاتف بضيق ونظرت إلى الخلف لتجد إسراء جالسة على الفراش تعبث بهاتفها تنفست الصعداء ودلفت إلى الداخل نظرت إليها بعدما وقفت أمامها قائلة بجدية
إسراء
رفعت بصرها إليها باهتمام فأكملت
أنا رايحه لجبل عايز يتكلم معايا في حاجه مهمة بس لو حد سأل عليا قولي إني في الجنينة مش عنده ماشي
استغربت حديثها وما تريده ولكنها على أي حال أومأت إليها برأسه موافقة فتركتها زينة ورحلت خارجه من الغرفة متوجهة إلى غرفتها عند جبل
نظرت حولها وهي تسير ترى إن كان هناك أحد يراها وهي ذاهبة إليه أو لا دلفت إلى الغرفة سريعا وأغلقت الباب من خلفها بالمفتاح تنظر إليه بقوة وهو ممدد على الفراش فقالت پغضب
في ايه يا جبل مش قولنا مش هنتقابل
اعتدل في جلسته ينظر إليه بلا مبالاة يجيب ببرود
هو في حد شافك أنا طالع وهما في الصالون تحت
اقتربت تقف أمامه تنظر إليه باستغراب بسبب لا مبالاته البادية عليه وكأنه لم يحذرها من كل هذا
بردو ولو هو أنا اللي هقولك
زفر بضيق وقطب جبينه ينظر إليها بقوة يقول بصوت جاد
أنا عارف أنا بعمل ايه وبعدين أنا عايز مراتي ولا أنتي عندك اعتراض
أدلت كتفيها تجيبه بهدوء
معنديش بس بعمل كده علشانك
ابتسم باستفزاز ومكر قائلا بصوت ونظرة خبيثة
ولو عندك أنا أقدر اتصرف
ضيقت ما بين حاجبيها وعيناها السوداء عليه تسأله باستغراب
تتصرف إزاي
اتسعت ابتسامته أكثر قائلا بمكر
تمارا موجودة
ارتفع صوتها وهي تنظر إليه 
تمثل في الرجل ذو الكلمات المعسولة وهو يجيبها
أنتي وحشاني على طول
اتسعت ابتسامتها وهو يعود للخلف لينظر إليها ثم استدار بها ليجعل الفراش خلفها وهو أمامها ثم دون إنذار دفعها للخلف لتقع نائمة عليه تخرج منها صړخة مباغتة من أثر المفاجأة فمال عليها يضع يده على يحثها على أن تخفض صوتها
ششش
أبعد يده عن وهو يناظر عيناها السوداء تبادله وترى غرابة عيناه الخضراء تلك التي كانت تخيفها إلى أبعد حد الآن لا مكان يحتوي ضعفها وحبها وچنونها وشغفها سوى عيناه المخيفة 
رقيقة هادئة يطبع شفتيه على خاصتها بكل حب وشغف وجنون كل مشاعر الجوى ومضادها يمر به معها وبجوارها 
مر عليهم بعض الوقت سويا ثم استمع إلى رنين هاتفه ليبتعد عنها يقبضه بين يده ينظر إلى المتصل باستغراب شديد 
قطب جبينه باستنكار مضيقا عيناه عليه ثم أجاب واضعا إياه على أذنه قائلا بجدية
مكالمة غريبة خير يا فندم
تصنم ينظر إلى الفراغ وهو يستمع إلى الطرف الآخر لبضع لحظات فقط ثم أبعد الهاتف عن أذنه يهمس بخفوت يتخلله الذهول والصدمة
أبويا ماټ! 
اعتدلت زينة في جلستها تنظر إليه پصدمة خالصة غير مصدقة ما تستمع إليه ألم يتوفى والده قبل سبع سنوات!! 

يتبع
سجينة جبل العامري
الفصل الثالث والعشرون
ندا حسن
ثار بركان الڠضب داخل أعماق قلبي أثناء معركة ضارية والطبول المطالبة بالنجدة تقرع دون توقف في محاولة منها لإنقاذ ذلك الفتات الذي تبقى منه ولكن مع كل مرة تقرع بها 
في ايه يا جبل مين ماټ!
حركت عقله مرة أخرى عندما ذكرت المۏت فاستفاق عليها بقوة أدمعت عيناه أمامها والصدمة تحتل كيانه وكأن الرعشة سارت في أنحاء بدنه كطفل صغير فقد لعبته المحبة إلى قلبه أو كطفل ضل الطريق ليصل إلى
تم نسخ الرابط