قطة في عرين الاسد بقلم منى سلامه

موقع أيام نيوز


جسدها ألما وندما .. أخذت تلهج بالدعاء وبالاستغفار .. ترجوه ولا ترجو سواه .. وقفت بين يداه الى أن شعرت بالآلام تشتد فى قدميها .. لكنها كانت آلام لذيذة لأنها فى سبيل طاعة .. شعرت وكأنها تغسل من ذنوبها و من آلامها ومن عڈابها .. شعرت وكأنها تولد من جديد .. فتاة أخرى .. بقلب آخر .. بروح أخرى .. بجسد آخر .. شعرت بأن اليوم هو يوم ميلادها .. وكأنها لم تعش قط .. وكأنها لم تحيا قط .. وكأنها اليوم فقط .. علمت معنى الحياة .. أنهت سهى صلاتها وأمسكت مصحفها وظلت تتلو من كتاب الله .. كلما قرأت آيات العڈاب استعاذت منها وبكت .. وكلمها قرأت آيات النعيم استبشرت بها ودعت .. أغلقت مصحفها عندما سمعت آذان الفجر يتردد فى المسجد القريب .. أغمضت عينيها وهى تسمع ذلك النداء الذى كانت تصم آذانها عنه طيلة أعوام طويلة .. ها هى الآن تسمعه بقلبها قبل أذنها .. وتستشعره بكل حواسها .. فتحت عينيها عندما انتهى المؤذن وقفت لتصلى بلهفة وشوق .. وأخذ قلبها ينبض بقوة وكأنها على ميعاد يقفز قلبها لهفه له .. رفعت كفيها وقالت من أعماق قلبها 

الله أكبر.
استيقظت مريم فجرا لتجد الأريكة فارغة .. خرجت وتوجهت الى الغرفة التى خصصها مراد ل زهرة فسمعت صوته بالداخل .. طرقت الباب برفق .. فتح الباب مبتسما لها .. ابتسمت له قائله 
جيت أطمن عليها
أفسح
لها مراد المجال للدخول .. دخلت مريم لتجد زهرة جالسه على الفراش ووجهها يشع نورا وسعادة .. فتحت لها ذراعيها فاقتربت منها مريم وألقت بنفسها بين ذراعيها .. مسحت زهرة على شعرها وهى تنظر الى مراد مبتسما .. فقال بمرح 
أنا بصراحة بدأت أشك أنا اللى ابنك ولا هى
قالت مريم بدلع وهى تنظر اليه 
ماما زهرة دى حبيبتى
ثم رفعت رأسها ونظرت اليها قائله 
مش كده يا ماما
يعني أطلع منها أنا
مدت له يدها فأقبل تجاهها فى الجانب المقابل ل مريم وعانقته هو الآخر .. أحاطت مريم بذراع و مراد بذراع وهى تنظر الى السماء والعبرات فى عينيها لتحمد الله عز وجل .. شعرت مريم بالحرج لاقترابها من مراد الى هذا الحد .. كانت نظراته مركزه عليها مبتسما أبعدت نفسها من ح ضن زهرة .. وقالت لهما 
هروح أصلى الفجر
قبل أن تنصرف .. حضرت الممرضة التى أحضرها مراد لملازمة والدته .. وخصص لها غرفة بجوار غرفة أمينة .. قال مراد للممرضة بإهتمام 
ده معاد الدوا
قالت الممرضة مبتسمه 
أيوة يا فندم
قال مراد بتأكيد 
ركزى فى مواعيد الدوا كويس .. تاخدها كلها فى معادها وبإنتظام .. وخلال يومين ان شاء الله هدخلها المستشفى تعمل تشيك أب كامل .. بس لحد ما ده يحصل استمرى على الأدوية اللى وصفها دكتور الدار
ابتسمت وقالت برقة 
حضرتك تؤمر
شعرت مريم بالحنق الشديد من الطريقة التى تنظر بها الممرضة الى مراد ومن تبسمها الدائم فى وجهه ..
غادرت الغرفة فى ضيق .. نظر مراد الى مريم التى غادرت بعصبيه ملحوظة .. دخلت مريم غرفة مراد وتوضأت وهى تستعيذ بالله من الشيطان .. أنتهت من صلاة الفجر وجلست مكانها تغلى من الڠضب .. لقد انتبهت لابتسامات الممرضة ونظراتها وركزت معها الى درجة أنها لم تنتبه إذا كان مراد بادلها اياهما أم لا .. دخل مراد غرفته بعدما عاد من صلاة الفجر .. قامت مريم وطوت السجادة وخلعت اسدالها وتوجهت الى الفراش .. تابعها مراد وهو يرى العصبية فى تصرفاتها فسألها قائلا 
فى حاجة مضايقاكى يا مريم 
قالت مريم وهى تفرد الغطاء على السرير پعنف دون أن تنظر اليه 
لا وأنا ايه اللى هيضايقنى
اقترب منها قائلا 
بس حاسس ان فى حاجه مضايقاكى
جلست فى الفراش وتدثرت بالغطاء وهى تقول بغيظ 
كنت فاكراك هتهتم بمامتك أكتر من كده
قال مراد بدهشة 
قوليلى أنا قصرت معاها فى ايه .. تقصدى موضوع التشيك أب اللى أجلته ليومين .. أنا كان قصدى انى أدور على أحسن مستشفى واحسن دكاتره فى جميع التخصصات عشان هى مش حقل تجارب كل دكتور يكتبلها علاج شكل فلازم أوديها عند دكاترة ممتاة كل واحد فى تخصصه
قالت مريم بعصبيه وهى تنظر اليه پحده 
أنا مش بتكلم عن كده
قال مراد بدهشة 
أمال بتتكلمى عن ايه 
قالت
بعصبية 
رايح جايبلها حتت ممرضة صغيرة وواضح أوى ان معندهاش خبرة فى أى حاجة أنا مش عارفه انت اخترتها ازاى
قال مراد بإستغراب وهو يمعن النظر اليها 
أنا مخترتهاش أنا طلبت من واحد صحبي دكتور انه يرشحلى ممرضة كويسة ومقيمة وهو بعتهالى .. وبعدين ايه اللى عملته غلط فهميني 
قالت مريم پحده 
دى متنفعش ممرضة أصلا
صمت مراد وهو يتطلع اليها والى وجهها الذى تشوبه حمرة الڠضب .. تحولت نظراته الى الخبث وظهرت ابتسامه صغيرة على زاوية فمه وهو يقول 
مفيش مشكلة .. بكرة الصبح هتكلم تانى مع صحبى وأخليه يبعتلى واحدة كبيرة فى السن وخبرة
صمتت مريم وقد هدأت عصبيتها .. فابتسم بخبث قائلا 
كويس كده 
تصبح على خير
نامت وأولته ظهرها .. وقف مكانه للحظات ث.. تسارعت خفقات قلبها وظلت مكانها كما هى .. أغلق مراد النور
وتوجه الى أريكته ونام عليها والابتسامه على شفتيه .. ا .. كانت ابتسامتها تعلو شفتيها هى الأخرى .. لكن سرعان ما اختفت تلك الإبتسامه ليحل محلها العبوس وأخذت تتسائل فى نفسها ..أيحبها حقا ..إن كان يحبها بالفعل فلما لا يعترف بذلك ! .. لكن السؤال ظل فى رأسها بلا إجابه .
يتبع..
االفصل الخامس والعشرون.
من رواية قطة فى عرين الأسد.
استيقظ مراد من نومه ونظر الى مريم النائمة وهو جالس على الأريكة .. عزم أمره على اخبارها بكل شئ عن اعاقته وعن زواجه السابق .. اليوم سيخبرها بكل شئ وليكن ما يكون .. لن يتحمل هذا البعد أكثر .. إن أرادت أن تخرج من حياته فلتخرج لن يجبرها على البقاء ولن يرجوها لتبقى .. يعلم أن فى هذا عڈاب شديد له .. لكنه أرحم من عڈاب قربها وبعدها فى نفس الوقت .. إما أن تكون له .. أو لا تكون .. دخل الحمام ليأخذ دشا وأخذ يفكر .. نعم عزم أمره واتخذ قراره بمصارحتها بكل شئ .. لكنه يعلم جيدا أن هذا العزم وهذا الإصرار لا يمنع قلبه من الخفقان خوفا .. بنظرة واحدة منها إما أن يكسبها للأبد وإما أن يخسرها للأبد .. لن يرحمها ان رأى نظرة شفقة واحدة فى عينيها .. أو نظرة نفور .. كلاهما يبغضه .. كلاهما ېقتله .. كلاهما يرفضه .
الأولى رآها كثيرا فى عيون ناهد و أختيه وأصدقائه والممرضات فى المستشفى .. حتى قرر ألا يدع أبدا أحدا يراه بدون ساقه الصناعية .. مهما كان ومهما حدث .. لم يسمح لأحد أبدا منذ أن خرج من المستشفى أن يراه ناقصا .. معاقا .. عاجزا .. لا يستطيع الحركة بدون ساقه الصناعية ..
والنظرة الثانية رآها فى عين زوجته السابقة .. النفور .. لم تكن نظرة .. بل خنجرا انغمس داخل قلبه .. لتسيل منه كل دمائه وتسقط أرضا دون أن تأبى
لها .. لن يتحمل رؤية أى من تلك النظرتين فى عيني مريم .. ان فعلت فسيلفظها لفظا خارج حياته وللأبد .. ظل يتمنى شيئا واحدا .. ألا يرى أى منهما فى عينيها .. الشفقة .. و النفور
قالت سارة ل نرمين على طاولة الطعام 
لسه لحد دلوقتى مش قادرة أصدق ان مامة مراد عايشة
ققالت نرمين بإستغراب شديد 
ليه بابا الله يرحمه قالنا وقاله انها ماټت وان أخوه كمان ماټ 
قالت سارة بدهشة 
وكمان مش قادرة اصدق ان مريم كانت مراة أخو مراد التوأم .. قصة ولا فى الأحلام
قالت نرمين متسائله 
يا ترى ماما مضايقة من وجود مامة مراد هنا 
قالت سارة بسرعة 
لا طبعا انتى مش عارفه ماما ولا ايه
ثم قالت بأسى 
وكمان انتى شافيه حالها عامل ازاى .. صعبانه عليا اوى انها مبتتكلمش .. مريم بتقول ان ده حصلها بعد ۏفاة أخو مراد
قالت نرمين بحزن 
زمان مراد زعلان عشانها أوى .. بس أكيد فى نفس الوقت فرحان انه شافها
استيقظت مريم ورأت مراد خارجا من الحمام يحمل منشفته ابتسم لها قائلا 
صباح الخير يا كسلانه
ابتسمت بصعوبة وقالت 
مش عارفه ليه حسه أكن حد كان بيضربنى طول الليل
اڼفجر مراد ضاحكا .. وقال 
برئ يا بيه .. مجتش جبمك
ضحكت هى الأخرى وقامت متكاسلة .. أوقفها مراد قائلا وبدا عليه القلق وقال 
مريم عايز أتكلم معاكى النهاردة فى حاجة مهمة
ظهرت علامات الجدية على وجهها وقالت 
أنا كمان عايزة أكلمك فى موضوع مهم
قال مراد بإهتمام 
عايزة تقولى ايه
سمعت طرقات دادة أمينة على الباب وهى تقول 
الفطار يا سي مراد
قالت مريم بسرعة وهى تدخل الحمام 
نفطر وبعدين نتكلم
وقفت مريم تنظر الى نفسها فى المرآة وهى تشعر بتوتر بالغ .. كيف ستخبره .. كيف سيتقبل الأمر .. ترى ماذا سيكون رد فعله .. كان الأمر أهون حينما كانت تظن أن زهرة والدة
ماجد فقط .. وأنها بالنسبة له زوجة أبيه .. أما وأنها والدته .. فقد إزدادت خوفا على خوف .. لكن يجب اخباره .. لا حل أمامها
سوى اخباره بكل شئ .. فليظن ما يظن .. لم يخطئ أحدا فى شئ .. ستخبره وليكن ما يكون
انتهوا من تناول افطارهم وصعد مراد للإطمئنان على أمه .. جلس معها بعض الوقت ثم خرج ليبحث عن مريم .. قال فى نفسه يجب أن أنهى هذا الأمر الآن .. لن أنتظر أكثر .. صعدت مريم لتبحث عن مراد .. يجب اخباره بما تخفيه عنه .. زهرة لا تتكلم لكن مريم تتكلم .. ويجب أن يعلم .. تقابلا فى أعلى السلم .. وكل منهما يبحث عن الآخر .. ليخبره بالسر الذى يؤرق مضجعه .. نظر كل منهما الى الآخر بقلق وتوتر وخوف .. خوف من الخسارة .. خوف من أن تتبدل الأمور .. خوف من أن تتبدل المشاعر .. تحدث مراد أولا وقال 
تعالى فى المكتب
نزلت مريم معه وتوجها الى المكتب .. اغلق الباب ووقفا قبالة بعضهما البعض .. كل منهما ينتظر من الآخر أن يتحدث أولا .. لتقل رهبته قليلا .. قال مراد 
ابدأى انتى يا مريم .. كنتى عايزه تقوليلى ايه
شعرت بالتوتر وبدا
عليها الإرتباك .. فحثها مراد قائلا 
خير يا مريم .. اتكلمى
بلعت مريم ريقها بعصوبة .. ثم قالت وكأنها تريد ازاحة حمل ثقيل عن كتفيها 
فى حاجة كنت مخبياها عنك .. بس صدقنى لو كنت أعرف ان ماما زهرة مامتك كنت قولتهالك من الأول .. لكن أنا مكنتش مدركه ان الموضوع هيخصك أوى كده وان
 

تم نسخ الرابط